الاثنين، 26 سبتمبر 2011

المرأة السعودية..والنقلة المهمة






مرةً أخرى تقودنا الأحداث المتسارعه التي يشهدها عام 2011 العجيبه لنقف أمام المؤسسة الدينية التي وبكل سهولة لم تمانع في أن (تتخلى) عن تحفظاتها حول حق المشاركة السياسية للمرأة مع صدور القرار الملكي. انه الدين المؤسساتي الذي يكيّف حسب (مزاج) السياسي، حين لا يخجل جوقة المشايخ المطبلين من الاستشهاد باستشارة الرسول عليه السلام لأم سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبيه متناسين أنهم يستشهدون بذات النصوص التي رفضوا الاعتبار بها حين كانوا ينافحون خصومهم من الليبراليين العلمانيين والاصلاحيين والرافضة وبقايا غزاة المريخ.

وكما علّق أحد الظرفاء على تويتر بالأمس: (توّهم يكتشفون حديث أم سلمة وصلح الحديبيه.. اجل متى يكتشفون ان عائشة رضي الله عنها كانت تركب الجمل ويعيدوا نظرهم في قيادة المرأة للسيارة) وعلى قدر سخرية السؤال تبقى مرارة اجابته: حين يصدر القرار الملكي بذلك !

الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

عن تاريخٍ يُصنع أحدّثكم.. عن الثورة السورية سأدّون



   أعترف بأنني أقف حائرة مذهولة أمام المتظاهرين السوريين، سلوكهم يبهرني ويثير في أعماقي دهشة لا حدود لها، أتفهم أن يخرج المرء ذات يوم بحماس متفجر للاحتجاج ويقابل احتجاجه بالقتل والدماء.. أتفهم أن يعاود الكرّة على حذر في اليوم التالي فتقابله السلطات بذات التحية الجافه الدموية.. لكنني أعجز عن تفهم أن يستمر في هذا السلوك أشهرا متتالية وفي كل مرة يكون سلوك النظام ضده هو ذات العنف والقمع الذي قابله به أول مرة..


  ما الذي يحرّك هذه الجموع كي تخرج في كل مرة وتهتف بسلمية وأفرادها يدركون أن تلك السلمية ستواجه بالرصاص عند أقرب فرصة؟! ما القوة التي تدفع الشاب الثائر ليتظاهر فيلقي بنفسه وسط الأهوال والدماء.. ثم يعود في آخر الليل الى منزله وقد مرّت به الأحداث الجسام.. فقط ليخرج من الغد وهو يعلم أنه سيواجه ذات الأهوال مرة أخرى وهذه المرة قد يأتي دوره ولا ينجو من الاعتقال أو الرصاص كما حدث في الأمس؟! شاب عادي لم يولد في زمن الحروب ولم يشارك في معارك أو غزوات بل وربما لم يرى سلاحا أو دما ينزف قبل هذه الأحداث.. من أين يستمد صموده؟!


أجمل ما في الثورة السورية أنها بتجددها واستمرار احتجاجاتها بشكل يومي مع استمرار القمع ضدها فانها تسفه وتقضي بدون جهد على كل نظريات المؤامرة الماسونية والأجندة الخفية التي يرّوج لها بعض الموتورين، وأي أجندة تلك التي قد يفقد المرء حياته لأجلها من أجل بضع هتافات لا تسمن ولا تغني من جوع؟! وما المقابل الذي من أجله تستمر الجموع صغارا وكبارا نساءا ورجالا في الخروج ومواجهة الأهوال لأجلها؟! لا يوجد نداء صهيوماسوني مهما كانت قوته واغراءاته سيدفع بالمرء الى الاستمرار شهورا في ذات الطريق ولكنه بالتأكيد نداء الحرية والكرامة.



  أجزم أن المؤرخين ليسوا الوحيدين الذين ينتظرون انتهاء الربيع العربي أواستقراره على عجل ليتفرغوا لتحليل ودراسة وتأريخ كل الأحداث التي رافقت الثورات، بل علماء الاجتماع والنفس أيضا ينتظرون لحظة الهدوء ليقوموا بدراسات عميقة لتحليل تركيبة الثوار السوريين نفسيا واجتماعيا واستنباط القوى المحرّكة لتلك الجموع التي كانت تتجه بقوة وعنفوان الى مدابح الموت


 من المؤكد أن الربيع العربي - بغض النظر عما قد ينتج عنه من أحداث ونتائج قد لا تكون على قدر طموحنا - قلب المفاهيم وأعاد اكتشاف مفاهيم أخرى وأضاف الكثير للتراكم المعرفي والتاريخي.. وتظل الثورة السورية أكثر ثوراتنا اثارة للدهشة


هنيئا للسوريين أن كسروا حاجز الخوف وقدّموا للعالم نماذج مبهرة.. هنيئا لهم وسامحونا على تخاذلنا في نصرتكم فلو كان الأمر بيدي لما تمنيت الليلة سوى أن أتواجد في ساحة العاصي بحماه وأنا أهتف بكل قواي:مافي للأبد مافي للأبد.. عاشت سوريا ويسقط الأسد !





الاثنين، 19 سبتمبر 2011

أدعو لك بالنسيان




        " كل وداع يحتاج الى تحضير.. لكن في أغلب الأحيان تفاجئنا الحياة" 
  عبارة قرأتها في مكان ما، لا أذكر أين ولكنها تحضرني بقوة في ذكراها.. ذكرى المرحومة
   ترى كم مضى الآن على بدء رحلتها الأخروية، سنة.. سنتان.. نعم ربما سنتان الا قليلا.. الهي كم يجري الوقت بسرعه! وما زلت أذكر كل شئ كما لو حدث البارحة فقط.


   سميرة، كان هذا اسمها، وكانت هي زوجة خالي وصديقتي المقربة وأختي الوفية، المرأة التي أحببتها أكثر من خالي نفسه، لكن كل ذلك الحب لم يشفع لي أن أكون بقربها في لحظاتها الأخيرة.. انها مشيئة الله التي منحت تلك اللحظات لأمي وخالاتي وحرمتني أنا وخالي منها.. اللهم لا اعتراض


   سنة كاملة تمر بكل ما فيها ولا زال صدري ينقبض كلما أتى ذكرها وتتسابق دموعي على خدي، واتساءل بحرقة: هل يمكن ان يجف الحزن؟! وكيف يجف وقد خرجت من المنزل وهي حية تنبض حيوية لأعود اليه في أقل من ساعتين وقد فارقت دنيانا.. انها الصدمة حين تسلبك لبك.. وأنا التي ظننت أنني سأحزن عليها للأبد ولكنني كنت مخطئة

  نعم مخطئة.. تناقص الحزن شيئا فشيئا مع مرور الايام، وحل محله ايمان عميق بالقضاء والقدر، وكما يقولون فكل شئ يبدأ صغيرا ثم يكبر الا الحزن، فانه يبدأ كبيرا ثم يصغر، لكنني لن أنكر أني كرهت كون خالي أسرعنا شفاءا ونسيانا، ورغم تأثره الواضح في الايام الاولى للعزاء الا أنه عاد سريعا الى عمله وحياته وكأن شيئا لم يكن.. بل ويتضايق اذا تذكرناها وعاودنا الحنين لايامها

 كرهت لامبالاة خالي وأنا التي لم أكن معجبة به من الاساس، أيعقل أنه نساها بتلك السهولة؟! نسي الحب الأسطوري الذي جمعهما.. وكل المصاعب التي واجهاها لينتزعا موافقة اهليهما ويتكلل حبهما بالزواج؟! هل نسي تسع سنوات من الزواج تخللتها الكثير من المشاكل التي صمدا في وجهها؟!! الا أنني لم ابث ان فوجئت بالعكس تماما

كان ذلك في الليله التي بتُّ فيها عند جدتي، وبعد العشاء توجه خالي مباشرة الى غرفته - كعادته دائما - ليخلد للنوم، وحدث ان احتاجت جدتي الى غرض ما من غرفته فأرسلتني لاحضاره، وتسللت الى تلك الغرفة المظلمة بهدوء حذر، كنت أمشي على اطراف اصابعي، وأتحسس الطريق أمامي في صمت حين تناهى الى سمعي صوت أنين تبين لي بعد قليل أنه بكاء مكتوم. وبسرعه البرق أنرت الغرفة فرأيته جالسا فوق سريره، رأسه بين كتفيه، وجسمه يهتز باكيا، سقط قلبي بين رجلي على منظره ذاك وبعفوية سألته: 
     خالو رشيد.. لماذا تبكي؟!
  كفكف دموعه بيديه دون أن يرفع راسه وردّ على سؤالي بسؤال آخر:
           ماذا تفعلين هنا في غرفتي؟!
        " أنت تبكي خالي.. ما بك؟! ممّ تتألم؟! "
   " ليس بي شئ .. تذكرت سميرة.. يبدو أنني أفتقدها.. هل تصدقين أنه مرت سنة كاملة على رحيلها؟! "
تجمدت مكاني مع كلماته تلك، لكنه اضاف وهو يحاول التقليل من أهمية ما قاله:
       لا تقلقي.. ستزول هذه المشاعر مع الأيام


خرجت من غرفته وقلبي يتقطع ألما، ولدهشتي تمنيت له ليلتئذ النسيان، أن ينساها للابد، لأنها الطريقة الوحيدة لسلامته من تلك الأحزان والآلام التي تعصر قلبه. حقا صدق نجيب محفوظ حين كتب على لسان احدى شخصياته في رواياته قائلا:
   " حزن الرجال ليس ولن يكون كحزن النساء، ولو استسلم الرجال لأحزانهم لناءت بها كواهلهم المثقلة بالأعباء"
                   
          سأدعو لك بالنسيان خالي

في (كليتنا).. وزيرة خارجية



  كان يوم الثلاثاء الماضي يوما مشهودا في كلية دار الحكمة بجدة والتي اختارتها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لتقيم في رحابها لقاءها مع طلاب وطالبات جدة ، فالوزيرة المصون تحرص في زياراتها المكوكية على أن تقتطع من وقتها الثمين للقاء طلاب وطالبات الجامعات في البلدان التي تزورها، وفي هذه الزيارات يتجلى دهاء أبناء العم سام الذين يعون جيدا أن شباب اليوم هم صناع المستقبل وقادة الغد لذا يحرصون على الالتقاء بهم والتقرب اليهم

  جهود الكلية بالتعاون مع السفارة الأمريكية في التحضير للمناسبة كانت أكثر من رائعة، وبالطبع تأخر الوزيرة لأكثر من ساعة كاد يطيح بكل تلك الجهود خصوصا بعدما بدأ الكثيرون بمغادرة القاعة قبل حضور الوزيرة، وقد علمنا أن سبب الـتأخر الفظيع كان من مكتب الأمير خالد الفيصل حيث طال لقاؤها بالأمير أكثر من الموعد المحدد

  طبعا تحدثت الصحف كثيرا عن الخبر، ولهذا لا يهمني في قليل ولا كثير تمجيد الحدث بقدر ما يهمني الحديث عن وجهة نظري حول الموضوع.. والحقيقة أن مستوى الأسئلة المطروحة كان ضعيفا جدا وساهم في ضعفها أكثر كونها محضّرة مسبقا، اذ أصرّت ادارة الكلية على أن كل الأسئلة يجب أن تحظى بموافقتها ولن تُلقى الا تلك المقبولة سلفا ، ولهذا فليس من المستغرب أبدا أن السؤال الخطير الوحيد عن نووي ايران القته طالبة باحدى المدارس العالمية وليس طالبات الحكمة اللاتي تعرضت أسئلتنا للتسطيح والاقصاء من اداراتنا المبجلة.


 سألت الطالبة بوضوح عن سبب اصرار الولايات المتحدة الامريكية على منع ايران من امتلاك سلاح نووي برغم أن أمريكا لا تمتلك ترسانة نووية فحسب بل انه سبق لها واستخدمته من قبل (في اشارة الى كارثة هيروشيما وناجازاكي) واذا فرضنا أن الدافع هو الحرص على سلامة وأمن العالم فكيف يستقيم هذا مع امتلاك اسرائيل للسلاح النووي دون أن يرف لكم جفن أو يقلقكم امتلاكها للنووي كما أقلقكم سلاح ايران؟!.... سؤال الطالبة حظي بتصفيق حاد من الطالبات مما أربك العميدة وفاجأ السيدة كلينتون التي لم تتوقع كل هذا الاعجاب بالسؤال. وحقيقة لم تبد اجابة الوزيرة منطقية أبدا، وقد بدت غير مقنعة وهي تعيد وتكرر في خطر ايران وخطر برنامجها النووي دون أن تتطرق الى اسرائيل أو تعطي اجابة واضحة عن سؤال الطالبة، بل اكتفت بترديد عبارة "ايران تشكل خطرا على السعودية أكثر مما تشكل خطرا على أمريكا" التي اصبحت كليشيه مكرر. وبرغم أن الوزيرة قالت بأن السؤال ليس جديدا عليها وغالبا ما تُسأل هذا السؤال في زياراتها للعالم الاسلامي والعربي، الا أن اجابتها بدت مشتتة وغير مترابطة الأفكار، بالاضافة الى تجاهلها التام لنووي اسرائيل






  بقية المداخلات أتت متشابهة وبعيدة عن عالم السياسة، وهو ما أرادته ادارة الكلية التي لمّحت قبل اللقاء بأن السياسة خط أحمر لا يجب أن نخوض فيه وأن أسئلتنا يجب أن تكون حول كونها "امرأة ناجحة" بحجة أن عنوان اللقاء هو "التوجهات القيادية للمرأة" ولا أعلم كيف توقعت منا الادارة أن نتناسى كونها وزيرة خارجية.. فوجودها عندنا كان بصفتها الرسمية كوزيرة خارجية أمريكا فهل يعقل ألا نسألها عن سياسات أمريكا خصوصا مع عالمنا العربي؟! ولعل اسوأ الأسئلة من وجهة نظري كان سؤال احدى الطالبات عن قضية التأمين الصحي وهو الموضوع الذي يثير جدلا متصاعدا في أمريكا، وقد قضت الوزيرة دقائق لا حصر لها تشرح مشاكل الرعاية الصحية وكيف تنوي ادارة أوباما التغلب عليها وتوفير تأمين صحي لكل مواطن أمريكي والحلول التي ينون انتهاجها الخ .. كلام كثير في قضية لا تهمنا ولا تعني لنا شيئا في حين أن قضايانا الأخرى مع أمريكا على قفا من يشيل

  ومن نافلة القول أن العميدة حرصت جزاها الله خيرا على اقصاء وتغييب الطالبات المعروفات بتوجهاتهن السياسية ومنهم الناشطة هداية عباس مؤسسة حملة "ذاكرة الحجارة" التي لم يسمح لها بالقاء أسئلتها 


  رغبة الوزيرة أيضا في أن يكون محور النقاش هو حقوق المرأة في السعودية كان مستهجنا بالنسبة للكثيرات، وأحمد الله أن أحدا لم يجاريها فيما أرادته. فنحن كطالبات دار الحكمة وان كنّا مع حقوق المرأة، ومع تحررها الكامل من العادات والتقاليد البالية الا أن فكرة التباكي حول هذه الحقوق مع وزيرة أمريكية بدت لنا غير مستساغة.

  أخيرا أقول بأنه وبرغم كل السلبيات والانتقادات فقد سعدت حقا بحضور السيدة الى كليتنا وحرصها على الالتقاء بنا، ففرصة مثل هذه للقاء الوزيرة حتى ولو لنعبر لها عن غضبنا تجاه سياسات بلدها تعتبر نادرة ،وكم كنت أتمنى لو كانت الدكتورة سهير القرشي بذات المرونة العالية التي عرفت بها، وسمحت لنا بالقاء أسئلتنا دون سياسة الرقيب التي انتهجتها ولم نعتدها منها في الكلية.

الأحد، 18 سبتمبر 2011

أخيراً.. في عالم التدوين


أخيرا أجتاز أولى عتبات عالم التدوين الرهيب، قد تكون رحلتي فيه قصيرة كما أتوقعها، لكنها بالتأكيد ستكون مثيرة حافله بالمتع البريئة وتلك "الاخطاء" التي نرتكبها عمدا في بعض الأحيان..

بالحاح يظهر أمامي ذاك السؤال: من أنا؟!

أعترف بأنه لا يروق لي ان ابدأ عالم التدوين بسؤال فلسفي بهذا العمق؟!

من أكون؟! هل يكفي الاسم الذي أحمله واللقب الذي يرافقه للتعبير عني؟! وهل يمكن للتخصص الذي تخصصت فيه كارهة له ومضطرة عليه أن يرسم صورة واضحة لما يمكن أن تكون عليه هذه "الأنا"؟! وماذا عن بضع خواطر مبعثرة هنا وهناك في بعض المنتديات.. هل تصفني بشكل مقبول ومحبب أكثر من المقالات الرصينة الجادة المملة؟!

لا أدري.. ولا أود أن أدري.. ولم يسبق لي ان شُغلت بنفسي لهذه الدرجة ولن أفعل ذلك الآن

سؤال آخر يشق طريقه الىّ وانا أخطّ هذه الكلمات: ولماذا تأخرت في بدء التدوين وانتظرت حتى الآن؟!

لسبب بسيط وهو ايماني بأنه ليس لديّ ما يستحق التدوين.. ولأكون صريحة فما زلت حتى الآن أظن بأنني لا املك ما يستحق التدوين.. لكنني سأدّون من أجلي.. وربما أيضا من أجل ذاك اليوم الذي سيأتي حتما ان طال بنا العمر وأجلس فيه وأنا العجوز الثمانينية لأضحك على ما سطّرته هنا وأردد في عتب لذيذ: كم كنتِ ساذجه يا ماجدولين !

ألا تطنون أن ضحكة تلك العجوز الثمانينية متعه بريئة تستحق التدوين لأجلها :D

اذاً فلنبدأ التدوين.. ولنرجو من الله أن اواظب على هذه العادة وقتا أطول مما أظن